
الثلاثاء 13 يونيو 2023 – 08:03
ما من شك في أن المشهد الإعلامي المغربي الرسمي يشكو ضروبا من النقص وألوانا من الضعف، بسبب شبه غياب القنوات والمواقع والبرامج ذات المنحى الرفيع سياسيا وثقافيا ومجتمعيا. لقد هرمنا ونحن ننتظر فضائيات مغربية عالية الجودة تنافس عن جدارة منصات إخبارية عربية وغربية. ولعل هزال المنجز الإعلامي الرسمي يساهم إلى جانب عديد العوامل في نشر “الثقافة” الرديئة القائمة على الإثارة والسطحية، التي لا تقوى على استنبات الوعي السياسي الوطني المأمول، القادر على بلورة المناعة المعرفية والفنية والاجتماعية.
لسنا ضد البرامج الترفيهية الرياضية والغنائية والفلكلورية حتى، لكننا نتوق وفي اللحظة نفسها إلى البرامج الجادة التي تتعاطى مع قضايا الوطن الإستراتيجية بتصور علمي عقلاني ومنهجية استدلالية سليمة، ما أدى إلى ظهور مجموعة من المواقع الإلكترونية تروم ملء هذا الفراغ المهول، بفضل الثورة التكنولوجية الرهيبة التي نعيش على وقعها. ونحن بقدر ما نشيد ببعض هذه المواقع الهادفة والمسؤولة بقدر ما نعبر عن حقنا في التعبير عن عدم رضانا عن مواقع إلكترونية أخرى تروم التجييش والتهويل والتشهير وتحريف الحقائق.
وفي سياق الهجوم غير المسبوق على الوحدة الترابية للمملكة المغربية، من أكثر من جهة دولية وإقليمية، بعد النجاحات التي حققتها الدبلوماسية المغربية، كان من الفروض على الفاعلين الإعلاميين المغاربة باختلاف انتماءاتهم السياسية والأيديولوجية أن يصطفوا إلى جانب الحق الوطني، ويقفوا في وجه المتطاولين يمينا ويسارا بمرافعات هادئة مقنعة متطابقة مع معطيات التاريخ والقانون الدولي. لكن عددا من هؤلاء “المعارضين الشرسين” للنظام المغربي والمنتمين عادة إلى الحساسيات اليسارية الهامشية المتناهية في الصغر، والجمعيات المغربية “لحقوق الإنسان”، والجماعات الدينية المنتكسة التي تنتظر الذي يأتي ولا يأتي.. إن عددا من هؤلاء جميعا أبوا إلا أن يقفوا مثلا إلى جانب النظام الجزائري، الذي خرج الملايين من الجزائريين الشرفاء طيلة سنتين مطالبين بإسقاطه وإقامة “دولة مدنية وليست عسكرية”، ومواجهة الفساد والاستبداد وما جاورهما من قمع وترهيب وتهجير… فمتى كان الديمقراطيون منبطحين مستعدين لمناصرة الشيطان والكفر بالوطن فقط لأنهم في صراع مع نظام بلدهم السياسي؟ متى يدرك “المعارضون الشرسون” أن الوحدة الترابية المغربية لا تفاوض ولا مساومة ولا ابتزاز عليها؟.
ندرك تمام الإدراك أن أمام المغرب ملفات هامة للإصلاح والتغيير، وأنه لا بد من إحداث ثورة جوهرية في النظرة إلى قطاعات بعينها، أقلها التعليم والصحة والقضاء والحق في التعبير المسؤول.. إذا أردنا أن نخطو كمغاربة نحو الأفضل والأجدى، ونبني مجتمعين مغرب العدالة والحرية والكرامة الإنسانية.
ومن المعلوم أن النظام العسكري بالجزائر يسخر كل طاقاته المالية والدبلوماسية واللوجستيكية، ويوظف كل إمكاناته البئيسة لتأليف دول الجوار وغير الجوار للإضرار بالمصالح الإستراتيجية المغربية، لذلك فنحن في أمس الحاجة إلى سياسيين وإعلاميين ومثقفين شرفاء يخوضون حربا ضروسا ضد مظاهر الفساد والظلم، وينتقدون كل ما يرونه بعيدا عن الصواب والحكمة، لأن النقد البناء سبيل نحو فهم الذات وتغييرها للتوجه قدما نحو البناء التنموي الشامل. أما المعارضة المغرضة التي “تتفهم” الاستبداد العسكري الغاشم، وتوجه بشراسة سهامها في وجه مقومات الدولة الأساسية، من قبيل الدين الإسلامي والوحدة الترابية، فستظل معارضة مراهقة بعيدة كل البعد عن نبض الشعب المغربي وتطلعاته المشروعة إلى الوحدة والديمقراطية والعيش الكريم.
#المعارضة #التي #نريد