تضطلع المملكة المغربية بدور استراتيجي مهم في تحقيق الأمن والسلم الدوليين عموما، وأمن القارة الإفريقية على وجه الخصوص، انطلاقا من التزامها المتواصل بمواجهة التهديدات والمخاطر الإرهابية، في سياق إقليمي سمته الأساسية تنامي التهديدات والانفلات الأمني، خاصة بمنطقة الساحل.
التزام تترجمه حاليا مناورات “الأسد الإفريقي” التي تستمر تمارين نسختها التاسعة عشرة في سبع مناطق متفرقة بالمغرب، في إطار الشراكة العسكرية بين الرباط وعدد من القوى العسكرية الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي أكد نائب القائد العام لقوة عمل جنوب أوربا وإفريقيا في جيشها، اللواء بريان كريشمان، على “التزام المغرب بتعزيز السلام والأمن والازدهار في جميع أنحاء المنطقة والعالم”.
من جهة أخرى، فإن توسيع دائرة الدول المشاركة في مناورات هذه السنة، إضافة إلى برمجة تدريبات تكتيكية جديدة برية وجوية وبحرية، على غرار تمارين التصدي لأسلحة الدمار الشامل والهجوم الإشعاعي، ومناورات التصدي لهجوم الطائرات المسيرة على مستودعات كيميائية، كلها مؤشرات تدل على أن الرباط صارت مرجعا أمنيا وعسكريا يحظى بثقة القوى الكبرى في العالم، وفاعلا أساسيا في المعادلة الأمنية والعسكرية على المستويين الإقليمي والدولي.
سياق غير مستقر
حول السياقين الإقليمي والدولي اللذين تأتي فيهما هذه المناورات، قال طارق أتلاتي، رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، إنها “تأتي في سياق عدم الاستقرار الذي يعرفه العالم سواء على مستوى الحروب المباشرة أو على مستوى بؤر التوتر جهويا وقاريا، على غرار ما يجري اليوم في ليبيا والسودان وجنوب الجزائر؛ وبالتالي فإن كل هذه الأمور مجتمعة تفرض نفسها على هذه المناورات”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “المغرب استطاع، من خلال هذه المناورات وإلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، أن يخلق حلفا عسكريا جديدا إلى جانب باقي التحالفات التقليدية التي كانت معروفة سابقا، خاصة بعد أن بدا للجميع أن الحرب في أوكرانيا تدفع في اتجاه العودة إلى ماضي التحالفات شرق-غرب”.
وواصل أتلاتي أن “الرباط أصبحت علامة عسكرية ورقما صعبا على مستوى الأمن والسلم الدوليين. كما أن لها باعا طويلا في مكافحة التهديدات الأمنية، سواء تلك المتعلقة بالاتجار بالبشر أو الإرهاب والحركات الانفصالية الممولة من بعض الدول؛ وبالتالي فإن المملكة يعول عليها في هذا التحالف بشكل كبير جدا لمواجهة هذه المخاطر”.
وأردف رئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية أن “الدول التي تدعم اللااستقرار في المنطقة صارت اليوم تعاني من تبعات هذه التهديدات الأمنية، على غرار الجزائر التي تعرف حدودها مع مالي نشاطا مكثفا لحركات انفصالية كحركة أزواد، في الوقت الذي يسعى فيه التحالف المغربي الأمريكي إلى جانب عدد من الدول إلى تحقيق الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية برمتها”.
مكتسبات مغربية
محمد شقير، خبير عسكري وأمني، يرى أن “المغرب حقق مكسبين أساسيين من خلال احتضانه لهذه المناورات للمرة التاسعة عشرة تواليا؛ أولهما سياسي يتمثل أساسا في الثقة الكبيرة التي تضعها الولايات المتحدة الأمريكية في الرباط، والإشادة بقوته على المستوى الإقليمي، إضافة إلى الاستقرار الذي يعرفه هذا البلد، وهو ما أكدته تصريحات عدد من المسؤولين العسكريين الأمريكيين في هذا الصدد”.
أما المكسب الثاني، أضاف شقير، فيتمثل في أن “هذه المناورات السنوية تساعد الجيش المغربي على التمرس على أحدث الأسلحة والتكنولوجيات العسكرية المعتمدة في ساحات الحرب، إضافة إلى التدريب على مواجهة الأخطار الإرهابية والنووية المتعددة”.
وواصل المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مشاركة جيوش عدد من الدول في مناورات “الأسد الإفريقي” تساهم في تبادل الخبرات والتجارب الأمنية والعسكرية بين هذه الدول، إضافة إلى تقوية الإشعاع العسكري للمغرب الذي صار قوة إقليمية متمرسة في هذا المجال”.
#مناورات #الأسد #الإفريقي. #المغرب #رقم #وازن #في #المعادلة #الدولية #للأمن #والسلم