أخبارأراء

ورطة الرئيس قيس سعيد

ورطة الرئيس قيس سعيد

الهادي الهرويالأربعاء 31 غشت 2022 – 13:58

جاء قيس سعيد بدستور جديد مكنه من توسيع صلاحيات الرئيس ووهبه كل آليات الهيمنة على السلط التشريعية والقضائية؛ والتحكم في كل دواليب الدولة ومؤسساتها وتملك أسباب التدبير والتنظير السياسي، معتبرا قراراته المطلقة هي الفيصل الوحيد في كل المنازعات الإدارية العليا للدولة. فهو الذي يشرف على تعيين مساعديه من الوزراء ورؤساء الإدارات والمصالح الكبرى. كان الهدف الأساسي من تغيير دستور 2014 واستبداله بدستور سعيد 2022، هو إصلاح مؤسسات الدولة وإخراج تونس من أزمتها الاقتصادية والسياسية؛ وإيجاد حلول لنسبة الفقر المتنامي ولمعدلات البطالة المرتفعة (%40) من الشباب العاطل؛ والبحث عن موارد مالية لسد حاجات البلد المعيشية والتخفيف من ثقل ديون البنك الدولي والهيئات القارضة الأخرى.

قبل الإعلان عن مشروع الدستور والمرور إلى التصويت عليه يوم الأحد 25/07/2022، والإعلان عن نتائجه وموافقة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن قبوله بنسبة 94،6% وتطبيقه ونشره في الجريدة الرسمية، كانت بوادر استفراد الرئيس بالسلطة والحسم في قراراته، تنبئ بميولات ديكتاتورية وانحراف عن وعده بتثبيت رواسي الحكم الديمقراطي الموضوعي والنزيه. تجلى هذا الانحراف في إغلاقه للبرلمان وإبعاد نوابه وتصفيته للعديد من القضاة بتهمة الفساد وعزل 57 منهم، والطعن في حكم المحكمة الإدارية القاضي بعودة 49 منهم إلى مزاولة مهامهم. ضمن هذه الانتكاسة الدستورية والأزمة البرلمانية والسياسية التي خلقها الرئيس للشعب التونسي الشقيق، وفرضه لسلطة الزعيم النرجسي البارانوي التي يرتفع عن كل أشكال التنظيمات ومشاربها الأيديولوجية، وعن زعماء الأحزاب والنقابات والعلماء والأطر الجامعية و”الأنتلجانسيا” التونسية المعروفة بعلمها ووطنيتها، وعن الهيئات القضائية من قضاة ومحامين ورؤساء محاكم…، وعن رجال الأعمال التونسيين. ضمن هذا المشهد السياسي السلبي الذي بلوره السيد الرئيس، متوهما رفع شعار الإصلاح ومحاربة الفساد وترسيخ ميكانزيمات التنمية والديمقراطية، واعتبار نفسه الفقيه القانوني والسياسي المحنك الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا يلحقه الخطأ والزلل، جاء فعله الانفعالي الأخير وتكبُّره الاندفاعي، ودعوته الانفرادية لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية لحضور قمة “تيكاد 8” بإشراف دولة اليابان. إنه بهذا الفعل ورط نفسه وورط اليابان معه. والواضح أن السيد الرئيس قد أساء إلى أمة وقفت مع الشعب التونسي في كثير من المحطات التاريخية في وقت الدسائس والكوارث والأزمات والجوائح. نستحضر هنا مظاهرات المغاربة الضخمة يوم اغتيال المناضل النقابي الكبير فرحات حشاد، والذي خلده المغرب بجعل اسمه عنوانا لأكبر شوارع المدن المغربية، دون نسيان إعانة المغرب للشعب التونسي في الأيام الحرجة لجائحة كوفيد-19، والدعاية للسياحة الجامدة وإشهارها.

إقرأ أيضا :  رئيس غينيا بيساو ينسحب من "قمة تيكاد" بتونس

وفي الختام، ومن منظور آخر لا يفوتنا إلا التأكيد على أن موقف الرئيس قيس سعيد هذا أحدث رجة في السياسية الدبلوماسية المغربية، وسيمكن المسؤولين الكبار في وزارة الخارجية المغربية من إعادة النظر في استراتيجيات سياستها الدبلوماسية وفي مدى مطابقتها لواقع مطبوع بالتغير والتحول والديناميكية. فهل استجاب الرئيس قيس سعيد، بإجرائه السيئ هذا، لرسالة الملك في خطابه الأخير: “إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم وهو المعيار هو الوضح والبسيط الذي يقيس به صدق العلاقات ونجاعة الشراكات…”؟، وهل وضح موقفه؟

#ورطة #الرئيس #قيس #سعيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى